مريض سكري يعاني من مشاكل في الرؤية أو اعتلال الشبكية السكري

أمراض الشبكية المرتبطة بالسكري

أمراض الشبكية المرتبطة بالسكري أصبحت من أهم القضايا الصحية في مجال العيون لدى مرضى السكري في السعودية. هذه الأمراض لا تؤثر فقط على وضوح الرؤية، بل قد تؤدي إلى فقدان البصر بشكل دائم إذا لم تُكتشف وتُعالج مبكرًا. في هذا المقال، سنستعرض كيف يؤثر السكري على شبكية العين، العلامات المبكرة التي يجب الانتباه لها، وطرق الوقاية والعلاج الفعّالة التي تساعد على الحفاظ على النظر لسنوات طويلة.


ماذا يعني شبكية العين ومضاعفات السكري؟

شبكية العين هي الطبقة الداخلية الحساسة للضوء في مؤخرة العين، وهي المسؤولة عن تحويل الصور إلى إشارات عصبية تُرسل إلى الدماغ ليتم تفسيرها. عندما يكون مستوى السكر في الدم غير مضبوط لفترة طويلة، تتأثر الأوعية الدموية الدقيقة داخل الشبكية. هذه الأوعية قد تتضيّق، أو تتسرب منها السوائل، أو تنفجر مسببة نزيفًا دقيقًا، أو تُغلق تمامًا مما يؤدي إلى ضعف في تغذية الخلايا البصرية.

يطلق الأطباء على هذه الحالة اسم اعتلال الشبكية السكري (Diabetic Retinopathy)، وهي من أكثر المضاعفات شيوعًا بين مرضى السكري. وتشير الدراسات المحلية إلى أن ما يقارب ثلث مرضى السكري في المملكة يعانون من درجات متفاوتة من هذا الاعتلال.

من المضاعفات المتقدمة لهذه الحالة:

  • الوذمة البُقعية (Diabetic Macular Edema): وهي تجمع للسوائل في مركز الرؤية مما يسبب تشوشًا في النظر.
  • تكوّن أوعية دموية جديدة وضعيفة: قد تنزف داخل العين مسببة عتامة أو انفصالًا في الشبكية.
  • تليف الشبكية: يؤدي في بعض الحالات إلى فقدان دائم للبصر إذا لم يُعالج بشكل عاجل.

علامات التحذير والوقاية في السعودية

معرفة العلامات المبكرة لاعتلال الشبكية أمر أساسي لتجنب المضاعفات. فالكشف المبكر والعلاج في الوقت المناسب يمكن أن ينقذا البصر بنسبة كبيرة.

من العلامات المبكرة:

  • رؤية مشوشة أو ضبابية.
  • ملاحظة بقع داكنة أو خيوط سوداء عائمة أمام العين.
  • صعوبة في تمييز التفاصيل الدقيقة خاصة أثناء القراءة أو القيادة ليلاً.

ومع تطور الحالة، قد تظهر أعراض أكثر خطورة مثل نزف داخل العين أو فقدان مفاجئ للرؤية.

في السعودية، تشير الأبحاث إلى أن الوعي حول أهمية فحص الشبكية لا يزال بحاجة إلى تعزيز. فالكثير من المرضى يعتقدون أن التحكم في السكر وحده كافٍ لحماية العين، بينما الحقيقة أن تلف الشبكية قد يحدث حتى مع ضبط السكر أحيانًا، لذا يجب إجراء فحص دوري.

طرق الوقاية الموصى بها:

  • ضبط مستوى السكر في الدم والمحافظة على HbA1c ضمن المعدل الطبيعي.
  • مراقبة ضغط الدم والكوليسترول بانتظام.
  • التوقف عن التدخين لما له من تأثير سلبي على الأوعية الدموية الدقيقة.
  • إجراء فحص شبكية شامل مرة واحدة سنويًا على الأقل، بدءًا من لحظة تشخيص السكري من النوع الثاني، أو بعد خمس سنوات من النوع الأول.
  • الالتزام بنمط حياة صحي غني بالخضار والفواكه، وممارسة نشاط بدني منتظم.

الوقاية هنا ليست رفاهية، بل استثمار مباشر في الحفاظ على نعمة البصر.


خيارات العلاج وإدارة الحالة بنجاح

يعتمد علاج أمراض الشبكية المرتبطة بالسكري على مدى تقدم الحالة، ونوع التلف الذي أصاب الأوعية الدموية في العين.

1. المراحل المبكرة:
في هذه المرحلة قد لا يحتاج المريض إلى علاج دوائي، بل يُنصح فقط بالمراقبة الدورية وتحسين السيطرة على السكر وضغط الدم.

2. الحالات المتوسطة والمتقدمة:

  • العلاج بالليزر (Laser Photocoagulation): يُستخدم لإغلاق الأوعية الدموية المتسربة ومنعها من إحداث مزيد من الضرر.
  • الحقن داخل العين: وتشمل الأدوية المضادة لعامل النمو الوعائي (Anti-VEGF) التي تساعد على تقليل التورم ومنع نمو أوعية دموية جديدة.
  • جراحة استئصال الجسم الزجاجي (Vitrectomy): وهي تُستخدم في الحالات المتقدمة عند حدوث نزيف أو انفصال في الشبكية.

3. المتابعة المستمرة:
نجاح العلاج لا يعتمد فقط على الإجراء الطبي، بل على التزام المريض بزيارات المتابعة المنتظمة لطبيب العيون. من المهم أن يكون لدى كل مريض خطة متابعة واضحة تتضمن:

  • موعد الفحص القادم.
  • مراجعة مستوى HbA1c كل ثلاثة أشهر.
  • ملاحظة أي تغيّر في النظر والإبلاغ عنه فورًا.

شراكة الطبيب والمريض هي حجر الأساس في النجاح. المريض الواعي والمتعاون مع طبيبه يمكنه الحفاظ على بصره حتى في وجود المرض. في المقابل، التأخير في التشخيص والعلاج يبقى السبب الأكبر لفقدان الرؤية الدائم عند مرضى السكري في السعودية.


في الختام، نجد أن أمراض الشبكية المرتبطة بالسكري تمثل تحديًا حقيقيًا لصحة العين، لكنها ليست نهاية الطريق. الوعي، الفحص المبكر، والالتزام بخطة العلاج يمكن أن يحافظوا على البصر مدى الحياة. إذا كنت مصابًا بالسكري، لا تنتظر ظهور الأعراض، فحص الشبكية السنوي هو خط الدفاع الأول عن نظرك. تواصل مع طبيب العيون المختص، واعتنِ بعينيك، لأن البصر لا يُقدّر بثمن.